اذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله .. واذا فرح الناس بالدنيا فافرح أنت بالله .. واذا أنس الناس بأحبابهم فأنس أنت بالله .. واذا ذهب الناس الى ملوكهم وكبرائهم يسألونهم الرزق ويتوددون اليهم فتودد أنت الى الله .. ابن القيِّم الجوزيّة ..

الأربعاء، 5 أغسطس 2009

مجرد عادة



حضورك كان عادة ، و غيابك الآن بات كذلك .. و من بين العادات الكثيرة التي أمارسها إلى اليوم لم أع تماماً ماهية الأشياء التي تتعدى في حضورها و غيابها كونها مجرّد “عادة” !

أعرف أن العادات تأخذ وقتاً لـتصبح كذلك ، سهله ،روتينية لكن في البداية ، هي لم تكن كذلك ! كانت شيئاً جديداً و محطّ دهشه و سلسة أحداث صغيرة في طور الاكتشاف ..

وبعد أن يكتمل حولها القصير وتتشكل تماماً ، و نعرف من أين تبدأ وكيف تنتهي تكون قد تحولت تلقائياً لـقائمة الممارسات اليومية ، التي بها نقيس وقتنا ، حضورنا ، قدرتنا على الحديث و الإنصات و التعاطي معها .

و لتلك الرغبة الكامنة فيّ ، لتحويل كل شيء في حياتي لـمجموعة عادات ، أتعاطى حضورها كما أتكيف مع غيابها بشكل صعب قليلاً و ممكن جداً ، تلك الرغبة التي تجعلني لا أبالي كثيراً بـقيمة الأشياء الحقيقية التي تحدث لي خشية فقدانها !
تلك الرغبة ، تبدو أنانية جداً .. !

ا
عتقدت دائماً بأن العادات تملك عمراً أطول ، و قدر لا بأس به من الحقيقة ، لذا هي تدوم طويلاً ، و حين تنتهي أو تتحول لـعادة أخرى ، فذلك جزء من العادة الكبرى ، أن تتغير فينا و بنا الأشياء بصورة بطيئة و طويلة المدى لـنخرج من عادة و ندخل في أخرى بسلاسة ، من دون أن نشعر بـ “التغيير” ..
وذلك لا بأس به .

لكنّ الحياة لا شيء إن كانت كذلك !
باردة و على وتيرة واحدة ، تلوك نفسها مراراً و تكراراً و تصيبنا بالخدّر الدائم ، لردّات فعل عشوائية, طبيعية ولا أحداث مصيرية ولا نقاط تحول ، ولا أي وقفات تُثري الذاكرة و العاطفة .
لاشيء على الإطلاق .

لا مجال أكبر يستحق أن أعطيه لعادات مكتسبة أخرى ، نالت منيّ الكثير ولم تعطني شيئاً في المقابل .. سوى أيام مملة و تفاعل بارد و خطئاً اقترفته بحق أشياء كثيرة كانت ستكون مشاريع مدهشه و فرح و ربما خيبات كثيرة لكني قلّصت حضورها, قيمتها الفعلية بلا وعيٍ منّي لـتكون قليل دائم . إلى أمد أن تتحول تدريجياً لـقليلٍ دائم آخر .

مشاريع كهذه ، لا تملك عمر صلاحية طويل ، إلا أن أثرها, حقيقتها هي التي تدوم ، و هذا ما تقوم عليه العادة ، أن تتبلع المعنى الحقيقي بينما تترك لنا الممارسة ، لأجل الممارسة فقط .
__________________
توقيعي: تبسمك في وجه اخيك صدقة
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق