حضورك كان عادة ، و غيابك الآن بات كذلك .. و من بين العادات الكثيرة التي أمارسها إلى اليوم لم أع تماماً ماهية الأشياء التي تتعدى في حضورها و غيابها كونها مجرّد “عادة” !
أعرف أن العادات تأخذ وقتاً لـتصبح كذلك ، سهله ،روتينية لكن في البداية ، هي لم تكن كذلك ! كانت شيئاً جديداً و محطّ دهشه و سلسة أحداث صغيرة في طور الاكتشاف ..
وبعد أن يكتمل حولها القصير وتتشكل تماماً ، و نعرف من أين تبدأ وكيف تنتهي تكون قد تحولت تلقائياً لـقائمة الممارسات اليومية ، التي بها نقيس وقتنا ، حضورنا ، قدرتنا على الحديث و الإنصات و التعاطي معها .
و لتلك الرغبة الكامنة فيّ ، لتحويل كل شيء في حياتي لـمجموعة عادات ، أتعاطى حضورها كما أتكيف مع غيابها بشكل صعب قليلاً و ممكن جداً ، تلك الرغبة التي تجعلني لا أبالي كثيراً بـقيمة الأشياء الحقيقية التي تحدث لي خشية فقدانها !
تلك الرغبة ، تبدو أنانية جداً .. !
اعتقدت دائماً بأن العادات تملك عمراً أطول ، و قدر لا بأس به من الحقيقة ، لذا هي تدوم طويلاً ، و حين تنتهي أو تتحول لـعادة أخرى ، فذلك جزء من العادة الكبرى ، أن تتغير فينا و بنا الأشياء بصورة بطيئة و طويلة المدى لـنخرج من عادة و ندخل في أخرى بسلاسة ، من دون أن نشعر بـ “التغيير” ..
وذلك لا بأس به .
لكنّ الحياة لا شيء إن كانت كذلك !
باردة و على وتيرة واحدة ، تلوك نفسها مراراً و تكراراً و تصيبنا بالخدّر الدائم ، لردّات فعل عشوائية, طبيعية ولا أحداث مصيرية ولا نقاط تحول ، ولا أي وقفات تُثري الذاكرة و العاطفة .
لاشيء على الإطلاق .
لا مجال أكبر يستحق أن أعطيه لعادات مكتسبة أخرى ، نالت منيّ الكثير ولم تعطني شيئاً في المقابل .. سوى أيام مملة و تفاعل بارد و خطئاً اقترفته بحق أشياء كثيرة كانت ستكون مشاريع مدهشه و فرح و ربما خيبات كثيرة لكني قلّصت حضورها, قيمتها الفعلية بلا وعيٍ منّي لـتكون قليل دائم . إلى أمد أن تتحول تدريجياً لـقليلٍ دائم آخر .
مشاريع كهذه ، لا تملك عمر صلاحية طويل ، إلا أن أثرها, حقيقتها هي التي تدوم ، و هذا ما تقوم عليه العادة ، أن تتبلع المعنى الحقيقي بينما تترك لنا الممارسة ، لأجل الممارسة فقط .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق