اذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله .. واذا فرح الناس بالدنيا فافرح أنت بالله .. واذا أنس الناس بأحبابهم فأنس أنت بالله .. واذا ذهب الناس الى ملوكهم وكبرائهم يسألونهم الرزق ويتوددون اليهم فتودد أنت الى الله .. ابن القيِّم الجوزيّة ..

الجمعة، 3 يوليو 2009

البحث عن قلب



الم ياتك يوم تبحث فيه عن قلبك؟!

الم ياتك وقت شعرت فيه بالحزن بلا سبب ,او بالالم دون مسبب, او بالغربة وسط الاهل, او بالوحشة بين الاصحاب, وبالملل وسط اسباب النعيم؟!!!

ان كان اصابك شيء من هذا فلكي تعلم انه لا بد لك منه... بدونه ستهلك, ومن غير رحمته ستموت... بانقطاع لطفه ستفنى... وبتوقف عفوه ستعاقب ...


قال ابن القيم رحمه الله:" ان في القلب شعث لا يلمه الا الاقبال على الله, وعليه وحشة لا يزيلها الا الانس به في خلوته, وفيه حزن لا يذهبه الا السرور بمعرفته وصدق معاملته, وفيه قلق لا يسكنه الا الاجتماع عليه والفرار منه اليه,وفيه نيران حسرات لا يطفئها الا الرضا بامره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك الا وقت لقائه,وفيه طلب شديد لا يقف دون ان يكون هو وحده مطلوبه, وفيه فاقة لا يسدها الا محبته ودوام ذكره والاخلاص له, ولو اعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة ابدا "


وذكر ان احد الصالحين كان يطوف وينادي: قلبي...اين قلبي؟! من وجد قلبي؟! فدخل يوما بعض السكك, فوجد صبيا يبكي وامه تضربه,ثم اخرجته من الدار, واغلقت الباب دونه, فجعل الصبي يتلفت يميناً ويساراً لا يدري اين يذهب ولا اين يقصد, فرجع الى باب الدار, فجعل يبكي ويقول: يا اماه...من يفتح لي الباب اذا اغلقت عني بابك؟! ومن يقربني اذا طردتيني؟!ومن يرحمني بعد ان غضبت علي؟!فقامت امه فنظرت من ثقب الباب, واخذته حتى وضعته في حجرها, وجعلت تقبله وتقول: يا قرة عيني, ويا عزيز نفسي, انت الذي حملتني على نفسك, وانت الذي تعرضت لما حل بك, لو كنت اطعتني لم تلق مني مكروها, ففرح الفتى برضا امه وصاح فرَحاً, فقال الرجل الصالح: الحمد لله...الان وجدت قلبي...الان وجدت قلبي...

يا رب... باي رجل اسعى اليك... وباي عين انظر اليك...وباي لسان اناجيك...وباي قلب ارجوك؟...يا رب ... ان لم ترحمني فهل عند غيرك رحمة التمسها؟ !

يا ربنا...ابداننا اسرى لدى الدنيا, وقلوبنا اسرى لدى الهوى, ونحن بين ذلك مأخوذون...نتمنى الصفاء ساعة من الدهر, او نفر الى بابك بالاخلاص لحظة من عمرنا,فنكتب بالدموع قصة الخشوع,ونمد يد العبودية الى عز الربوبية,لكننا لا نقدر, فها نحن اليوم واقفون موقف الاعتذار, والاقتراف,والاقتراب { ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر فانك لهم انت العزيز الحكيم }المائدة:118



******************************************

رحلة قلب

كانت في البداية ... وتسير كما اعتادت السير دوما...
وظنت ان الامور تسير على ما يرام...
وذات يوم قررت ان تحاسب نفسها...
ووقفت على احوال قلبها...فادركت ان قلبها مفقود وان عليها البحث عنه, فكانت بداية الرحلة...


شروط الاقلاع:
१- الصدق مع الله فيما تريد,بالنية الخالصة والاجتهاد
२-اليقين بان رب القلوب سيهدي قلبها
३- الذل والانكسار بين يدي الله عز وجل وشدة الافتقار اليه
४-الدعاءوالتضرع بان يهدي الله قلبها ويربط عليه
५-التوكل على الله



وقت الاقلاع:
في كلّ وقت و حين... ليل نهار... و لسرعة الوصول يكون الاجتهاد في أوقات إجابة الدعاء خاصّةً وقت السحر



الرحلة:
إنّ كلام الله حقّ و نحن نؤمن به وما تمرّ به قلوبنا من ضعف ووهن إنما هو لتقصير مع كتاب الله عزّ وجل...و قررت ان تكون رحلتها كلّها مع كتاب الله عزّ و جلّ



فقرأت: {وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ }(78) سورةالمؤمنون


فوجدت أنّها لم تشكر بلسانها المنعم على نعمة فؤادها فكيف تشكر بجوارحها؟؟


فكانت التوصية الأولى : شكر نعمة القلب و بعد أن شكرت شعرت بدقات قلبها ... و أنّ لهذه الدقات عليها حقّ


التوصية الثانية: ذكر القلب و اللسان...إنّه ذكر الموت ...له سحرُ على القلوب...بذكره تحيا قلوب ....لحظات صفاء تحياها مع ذكر الموت تجعلها تحسن لكلّ من حولها...انه اراحلة ... لن ينفعها أحد ...ما عادت تقف على ظلم وقع عليها ...هانت عليها آلامها ...هانت عليها الدنيا ... شعرت و أنها ليست من أهلها... أصبح أنسها في خلوتها ..ما أطيبه ذكر الموت...


التوصية الثالثة: التأمل و التدبر في آيات الله الكونية... فهم الأيات... و تمريرها على القلوب حتى يحدث التأثير الذي نسعى إليه... فمتى تدبّرت ذاقت حلاوة القرآن ...ما كانت لتصل لتلك المعاني القلبية لولا فضل الله و فتحه عليها بتدبر آياته , تدبر آيات القرآن و الوقوف على معانيه العظيمة و إمرارها على القلوب


فان من أصعب المحن و أشقّها على النفس ,المحن القلبية ,و من أعظم المنح الربّانية ...هي تلك المنح القلبية...إنّ الوقوف على أحوال القلوب نعمة من الربّ سبحانه و تعالى تستوجب الشكر...

ربّي لك الشكر و الحمد كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك ...الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله

.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق